responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 403
الْحَيَّةِ بِأَكْلِ السَّذَابِ فَإِنَّ النَّكْهَةَ السَّذَابِيَّةَ مِمَّا تَنْفِرُ مِنْهَا الْأَفْعَى وَالْكِلَابُ إِذَا دَوَّدَتْ بُطُونُهَا أَكَلَتْ سُنْبُلَ الْقَمْحِ، وَإِذَا جَرَحَتِ اللَّقَالِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا دَاوَتْ جِرَاحَهَا بِالصَّعْتَرِ الْجَبَلِيِّ وَرَابِعُهَا: الْقَنَافِذُ قَدْ تُحِسُّ بِالشَّمَالِ وَالْجَنُوبِ قَبْلَ الْهُبُوبِ فَتُغَيِّرُ الْمَدْخَلَ إِلَى جُحْرِهَا وَكَانَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ رَجُلٌ قَدْ أَثْرَى بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ يُنْذِرُ بِالرِّيَاحِ قَبْلَ هُبُوبِهَا وَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِإِنْذَارِهِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ قُنْفُذًا فِي دَارِهِ يَفْعَلُ الصَّنِيعَ الْمَذْكُورَ فَيَسْتَدِلُّ بِهِ، وَالْخُطَّافُ صَانِعٌ جَيِّدٌ فِي اتِّخَاذِ الْعُشِّ مِنَ الطِّينِ وَقِطَعِ الْخَشَبِ فَإِنْ أَعْوَزَهُ الطِّينُ ابْتَلَّ وَتَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ لِيَحْمِلَ جَنَاحَاهُ قَدْرًا مِنَ الطِّينِ، وَإِذَا أَفْرَخَ بَالَغَ فِي تَعَهُّدِ الْفِرَاخِ وَيَأْخُذُ ذَرْقَهَا بِمِنْقَارِهِ وَيَرْمِيهَا عَنِ الْعُشِّ، ثُمَّ يُعَلِّمُهَا إِلْقَاءَ الذَّرْقِ نَحْوَ طَرَفِ الْعُشِّ، وَإِذَا دَنَا الصَّائِدُ مِنْ مَكَانِ فِرَاخِ الْقَبَجَةِ ظَهَرَتْ لَهُ الْقَبَجَةُ وَقَرُبَتْ مِنْهُ مُطَمِّعَةً لَهُ/ لِيَتْبَعَهَا ثُمَّ تَذْهَبُ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ سِوَى جَانِبِ فِرَاخِهَا، وَنَاقِرُ الْخَشَبِ قَلَّمَا يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ عَلَى الشَّجَرِ يَنْقُرُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِ دُودًا، وَالْغَرَانِيقُ تَصْعَدُ فِي الْجَوِّ جِدًّا عِنْدَ الطَّيَرَانِ فَإِنْ حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ضَبَابٌ أَوْ سَحَابٌ أَحْدَثَتْ عَنْ أَجْنِحَتِهَا حَفِيفًا مَسْمُوعًا يَلْزَمُ بِهِ بَعْضُهَا بَعْضًا، فإذا نامت على جبل فإنها تضع رؤوسها تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا إِلَّا الْقَائِدُ فَإِنَّهُ يَنَامُ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ فَيُسْرِعُ انْتِبَاهُهُ، وَإِذَا سَمِعَ حَرَسًا صَاحَ، وَحَالُ النَّمْلِ فِي الذَّهَابِ إِلَى مَوَاضِعِهَا عَلَى خَطٍّ مُسْتَقِيمٍ يَحْفَظُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَمْرٌ عَجِيبٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِقْصَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ طَبَائِعِ الْحَيَوَانِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأَكْيَاسَ مِنَ الْعُقَلَاءِ يَعْجِزُونَ عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْحِيَلِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا مُلْهَمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى بِمَعْرِفَتِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَارِفَةٍ بِسَائِرِ الْأُمُورِ الَّتِي يَعْرِفُهَا النَّاسُ؟ وللَّه دَرُّ شِهَابِ الْإِسْلَامِ السَّمْعَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: جَلَّ جَنَابُ الْجَلَالِ عَنْ أَنْ يُوزَنَ بِمِيزَانِ الِاعْتِزَالِ.
أَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ فَهُوَ مَعَ وَجَازَتِهِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَمَامِ عِلْمِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، فَقَوْلُهُ: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ وَمُحْدَثٌ وَالْمُمْكِنُ وَالْمُحْدَثُ لَا يُوجَدَانِ إِلَّا عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ فَدَخَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ جَمِيعُ الْأَجْرَامِ وَالْأَعْرَاضِ وَأَفْعَالُ الْعِبَادِ وَأَقْوَالُهُمْ وَخَوَاطِرُهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ فَهُوَ عِبَارَةٌ تَامَّةٌ فِي مَعْرِفَةِ الْمَعَادِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَصِيرِ الْكُلِّ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْوُجُودَ يَبْدَأُ مِنَ الْأَشْرَفِ فَالْأَشْرَفِ نَازِلًا إِلَى الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنَ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ مُتَرَقِّيًا إِلَى الْأَشْرَفِ فَالْأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جِسْمًا ثُمَّ يُصَيِّرُهُ مَوْصُوفًا بِالنَّبَاتِيَّةِ ثُمَّ الْحَيَوَانِيَّةِ ثُمَّ الْإِنْسَانِيَّةِ ثُمَّ الْمَلَكِيَّةِ ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى وَاجِبِ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، فَالِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والثاني هو قوله: وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ.

[سورة النور (24) : الآيات 43 الى 44]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الدَّلَائِلِ [في قَوْلُهُ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ] وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
المسألة الْأُولَى: قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ بِعَيْنِ عَقْلِكَ وَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ وَالْإِزْجَاءُ السَّوْقُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَمِنْهُ الْبِضَاعَةُ الْمُزْجَاةُ الَّتِي يُزْجِيهَا كُلُّ أَحَدٍ وَإِزْجَاءُ السَّيْرِ فِي الْإِبِلِ الرِّفْقُ بِهَا حَتَّى تَسِيرَ شَيْئًا فَشَيْئًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، قال الفراء

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست